الاثنين، 23 فبراير 2015

الشيخ طاهر آيت علجت العلامة المجاهد...

ما زالت صُورتُه أمامَ عيني، ووَقَارُهُ وهَيْبَتُه يبعَثان في فُؤادي رَهبَةَ الاحترامِ والتَّقديرِ، كان آخرُ لقَاءٍ لي مَعَه يومَ أنْ وَدَّعْنا المُجاهِدَ عبد الحميد مهري رحمه الله بِمقْبَرَةِ " سيدي يحي الطيار" بسَعِيد حمدين " في نهايةِ شهرِ يناير 2012 م، العلامةُ المُجاهدُ الطاهِر آيت علجَتْ، وُلِدَ يَومَ الخَامِسِ من مُحرَّم 1335 هـ الموافق لـ7 فيفري 1917 م ببلدية ثامقرة ولاية بجاية. خَتَمَ القُرآنَ وعُمرُه لا يَتجَاوزُ 12 عامًا، تَلقَى المَبادِئَ الأولى لِعُلومِالأدَبِ واللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ على يَدِ شَيْخِهِ العَلامَةِ السَّعيد اليَجُرِي، كمَا أَخَذَ عنه الِفقْهَ وَعِلْمَ الحِسَابِ والفَلَكِ  وغَيرِهَا 
مِنَ الفُنون. أتمَّ دِرَاسَتَهُ الشّرعِيَّةُ بزَاوية الشّيخ بِلحَمْلاوي بالعُثْمَانِيَّة، قُرْبَ قسنطينة، تَعلَّمَ فيها الفقهَ واللُّغَةَ وعُلومَ أخرى كثيرة مثلَ الرياضيات والتَّاريخِ عن الشَّيخِ العَوادِي والشّيخ مُصبَاح الحُوَيْدِق وغَيرِهما.
   بَعدَ تَمَكُّنِهِ تَصَدَّرَ للتّعلِيمِ والتّدريسِ والإفْتَاءِ في زَاوية ثَامِقْرَة، وهذَا قبلَ الحَربِ العَالَمِيَّةِ الثَّانِيَّةِ، فَأَحْدَثَ نَهْضَةً عِلْمِيَّةً إلى غَايَةِ 1956 م، حَيْثُ أنشَأَ نِظامًا خَاصًّا بِزَاوِيَتِه، شَبِيهًا بِنُظُمِ المَعَاهِدِ الإسلامِيَّةِ الكُبْرَى، وكان تَلامِذَتُه يَلْتَحِقُونَ بالزَّيتُونَةِ بِزَادٍ مِنَ العِلْمِ والأَدَبِ يُشَرِّفُ زَاوِيَتَهُم وَالقَائِمَ عَلَيْهَا.
   رَجَعَ الشَّيخُ إلى مَسقَطِ رأْسِهِ سَنَةَ 1937 م، حيثًُ تَوَلَّى التَّدرِيسَ والتّعلِيمَ بِزَاوِيَةِ سيدي أحمَد بن يَحيَى إلى غَايَةِ سَنَة 1956م حِينَ أحْرَقَ الجيشُ الفرنسِيُّ الزَاوِيَةَ، فَالْتَحَقَ الشَّيخُ مَعَ طَلَبَتِهِ بِجَيشِ التَّحريرِ. وَ تَوَلَّى مَنصِبَ الإفْتاءِ وفَصْلِ الخُصُومَاتِ في كَتِيبَةِ جَيشِ العَقيدِ عَميروش، سَافَرَ إلى تونُس في أواخِر سنة 1957 م بأَمْرٍٍ
من العقيد عميروش الذي كَلََّفَهُ بالإشْرافِ على النَّشَاطِ التَّعليمي للطُّلابِ الجَزائِرِيِّينَ هُنَاك.
   وفي سنة 1963 م عَادَ إلى وَطَنِهِ الأوَّلِ، وعُيِّنَ أُسْتاذًا بثانوية عُقبَة بنُ نَافِعٍ بالجَزَائِر العَاصِمَة وثَانوية عَمَارة رَشِيد بِابْن عكنون، إلى أَن أُحِيلَ عَلَى التَّقَاعُدِ سَنَةَ 1978 م.
ثُمَّ وَبِطَلَبٍ مِن وِزَارَةِ الشُّؤُونِ الدينِيَّة، عَادَ إلى نَشَاطِهِ المَسجِدِيّ، لِيُمَارِسَ دُرُوسَ الوَعْظِ والإرشَادِ بمَسجِد حيدرة وغيره من المساجد، وَهُوَ إلى اليَومِ يَعقِدُ دروسًا بمسجدِ بُوزريعة. له مُؤلفات في فنون كثيرة، كما هو الآن بِصَدَدِ كتابةِ مُذكِرات تَروِي تَاريخَه وتاريخَ الثَّورة الجزائرية، نسألُ الله تعالى أن ينفعَنَا بِعلمِه وأن يُطيلَ في عُمره. 


                                                              كتبه الأستاذ بلال بن دايخة ـ يوم 28/01/2014م

هناك تعليق واحد: